الحرية بين الاعتبار المقاصدي والإلغاء دراسة تأصيلية، تطبيقية، معاصرة

جاء الإسلام رسالة تحريرية للإنسان على كافة الأصعدة، في الاعتقاد، والعلم، في التنقل والحركة، في الرأي والسياسة، في العمل والكسب، في التملك والتصرف، لذلك نجد الإسلام مليئا بمعاني الحرية، وهي السبيل إلى كرامة الإنسان وفضله علي باقي المخلوقات قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ }الإسراء الآية:70}.هذا المعنى جاء به الإسلام وأكده رسول الإسلام وعبر عنه الفاروق عمر بن الخطاب  حين قال: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) ثم جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1928 الصادر عن الجمعية العامة للأم المتحدة ليقتبس ويقررهذا المعنى في مادته: " يولد جميع الناس أحرار ًا متساويين في الكرامة والحقوق. والحرية هي إحدى المصالح الأساسية والضرورية التي بها ينهض المجتمع ويتقدم وهو ما قرره ابن عاشور في كتابه (أصول النظام الاجتماعي في الإسلام) ثم جاء بعده جمع من العلماء ليؤكدوا على هذا المعنى الذي به نماء العقول وتحررها، وصلاح المجتمعات وتقدمها. لذا أحببت في دراستي أن أؤكد على هذا المعنى وأرفع من شأن الحرية إلى مصاف مقاصد الشـريعة الإسلامية لتدرس جنبا إلى جنب مع هذه المقاصد (الدين ، والنفس ، والعقل ، المال،والنسل ) في الكليات، ومراكز الدراسات العليا، لننتج وعيًا يقف في وجه هؤلاء المستبدين الذين يسلبون الناس حرياتهم ومن ثم كرامتهم، لذلك كان المبحث الأول الذي يقف على حقيقة المقاصد الشرعية وأهميتها في تحقيق مصالح العباد وأقسام المقاصد الشرعية، ومادام للحرية وثيق تعلق بالمقاصد الشرعية فقد عرجت في المطلب الثاني إلىتعريف الحرية، ومفهومها عند الغرب والمسلمين ومجالات الحرية، وتاريخها، وأثرها على الأفراد والمجتمعات، ثم بحثت عن موقع الحرية منالضروريات الخمس ، وهل يمكن الزيادة على هذه الخمس أم أن حصرها في خمس توقيفي لايمكن الزيادة عليه أو النقصان منه ، فكان المبحث الثاني من الدراسة ثم انتقلت الدراسة فيالمبحث الثالث إلى إبراز ثلاثة من تطبيقات الحرية ، والتي يمكن أن يوردها البعض ليشكك في الحرية التي كفلها الإسلام للناس عامة، وهذه الفئة خاصة وهي (الحرية والردة ، الحرية وذمة المرأة المالية، وحرية المرأة في الزواج واختيار الزوج).