submitted on 2024-12-22, 08:25 and posted on 2024-12-26, 06:38authored byDalal Saeed Alqhtani
باستقراء موارد الشريعة الإسلامية يتبين لنا يقينًا أن الله ــ جل وعلا ــ بعث الرسل وأنزل الكتب لأجل مصالح العباد، في دينهم ودنياهم، وفي أولاهم وأخراهم، فالله ــ جل وعلا ـــ يُريد بالناس اليسر ولا يريد بهم العسر، ولكن في إطار حفظ الأمة ورعاية مصالحها العامة، بل كان ذلك هدفًا أسمى للشريعة الإسلامية.يقول ابن عاشور: "إذا نحن استقرينا موارد الشريعة الإسلامية الدالة على مقاصدها من التشريع استبان لنا ــ من كليات دلائلها، ومن جزئياتها المستقرأة ـــ المقصد العام من التشريع وهو حفظ نظام الأمة، واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه وهو نوع الإنسان"( ).وإلى هذا المقصد أيضًا يُشير الفاسي، فيقول: "المقصد العام للشريعة الإسلامية هو عمارة الأرض، وحفظ نظام التعايش فيها، واستمرار صلاحها بصلاح المستخلفين فيها، وقيامهم بما كُلّفوا به من عدل واستقامة، ومن صلاح في العقل، وفي العمل، وإصلاح الأرض، واستنباط لخيراتها، وتدبير لمنافع الجميع".ومقصد حفظ مصلحة الأمة يُعدّ مقصدًا عامًا للشريعة الإسلامية بكلياتها، وهذا المقصد له دوره الأسمى في تحقيق مصالح الفرد والأسرة والمجتمع..وقد عرف العز ابن عبد السلام الشريعة بقوله "الشريعة كلها نصائح، إما بدرء المفاسد أو بجلب المصالح". فنجد أن كلا الأمرين مصلحة عامة، وهذا يلفت إلى أن الشريعة ليست أحكاماً وتوجيهات؛ بل هي غاية محددة لجلب المصالح للأمة ودفع المفاسد عنها.